كتبت: سالي الشريف
في خطوةاستراتيجية تعكس التزام الدولة المصرية بالمعايير البيئية العالمية، ترأس الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، اجتماعًا موسعًا بمقر وزارة النقل، لمناقشة تنفيذ منظومة متكاملة لجمع المخلفات الصلبة من السفن المارة عبر قناة السويس، وذلك بحضور وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، ورئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، إلى جانب ممثلين عن الجهات المعنية.
منظومة متكاملة.. وشراكة استراتيجية
ناقش الاجتماع آليات تنفيذ خدمة جمع المخلفات من السفن وتفعيل الشراكة مع شركة "آنتيبوليوشن إيجبت"، المنبثقة عن مجموعة V اليونانية، لتنفيذ عمليات الجمع والتدوير بشكل آمن ومستدام.
وشدد الوزير على أن هذه الخطوة تأتي التزامًا بتوجيهات القيادة السياسية التي تضمن عدم تضرر أي من العاملين الحاليين في هذا القطاع، مع العمل على دمجهم ضمن المنظومة الجديدة بشكل عادل ومنظم.
وأوضح الوزير أن المشروع يهدف لتحقيق التوازن بين حماية البيئة البحرية، والحفاظ على مصالح العاملين والمستثمرين في المجال، مشيرًا إلى أن الشركة القابضة للنقل البري والبحري ستتولى دور "المنظم" في العلاقة بين مقاولي الأشغال البحرية وشركة آنتيبوليوشن، بما يضمن الحفاظ على نظافة القناة وسلامة مياهها.
الموانئ المصرية تعمل إلى التحول للأخضر
أكد الوزير أن وزارة النقل تعمل على تحويل جميع الموانئ المصرية إلى "موانئ خضراء"، عبر اعتماد مصادر طاقة نظيفة تشمل الهيدروجين الأخضر والأمونيا والوقود منخفض الانبعاثات، بهدف تقليل الأثر البيئي للنشاط الملاحي في مصر.
كما أعلن عن إطلاق برامج تدريبية للعمالة المصرية في مجال جمع المخلفات، تتماشى مع المعايير الدولية وتكفل استمرار مصادر الدخل للعاملين المحليين، بالتوازي مع تحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
التزامات بيئية صارمة تحت المتابعة المستمرة
من جانبها، شددت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، على أهمية الدور الرقابي الذي ستقوم به الوزارة لضمان التزام جميع الأطراف بالمعايير البيئية الصارمة.
وأوضحت أن التنسيق مع شركة آنتيبوليوشن شمل كافة مراحل إدارة المخلفات من الجمع إلى التدوير، مؤكدة أن هذه المنظومة تمثل نموذجًا يُحتذى به في تكامل جهود الدولة والقطاع الخاص ضمن مسار التحول الأخضر في إطار رؤية مصر 2030.
وأشارت الوزيرة إلى أن القانون رقم 202 لسنة 2020 ينظم بدقة عملية إدارة المخلفات، مع التفرقة بين المخلفات البلدية والخطرة، مؤكدة أن المشروع الجديد سيساهم في تحسين كفاءة منظومة إدارة المخلفات البحرية بشكل عام.
طمأنة وتحفيز من هيئة قناة السويس
أكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن تقديم خدمة جمع المخلفات البحرية سيمثل نقلة نوعية في منظومة الخدمات المقدمة عبر القناة، مع الالتزام الكامل بعدم الإضرار بمصالح المقاولين الحاليين، بل تعزيز دخولهم عبر زيادة حجم الأعمال.
وأضاف أن الهيئة راعت في التعاقد مع شركة آنتيبوليوشن إدراج شرط جزائي يُلزمها بالمعايير المتفق عليها، مع فرض الخدمة بشكل إلزامي على جميع السفن المارة، ما يضاعف فرص العمل لمقاولي الأشغال البحرية.
استثمار ضخم وتقنيات بيئية حديثة
وخلال الاجتماع، قدم السيد فيرون فاسيلياديس، رئيس مجموعة V اليونانية، عرضًا حول تفاصيل المشروع، مؤكدًا أن المجموعة ستضخ استثمارات بقيمة 150 مليون دولار خلال سبع سنوات لتطوير البنية التحتية الخاصة بجمع ومعالجة المخلفات.
وأضاف أن الشركة استثمرت حتى الآن أكثر من 11 مليون دولار في وحدات بحرية وأرضية متطورة صديقة للبيئة.
وأشار إلى أن ما يزيد عن 90٪ من العمالة بالمشروع مصرية، وتم التعاقد مع 46 شركة محلية متخصصة في الأشغال البحرية، في إطار دعم الاقتصاد المحلي وتمكين الكفاءات الوطنية.
وتمثل المبادرة الجديدة لجمع المخلفات من السفن بقناة السويس نموذجًا للتنمية المستدامة المتكاملة، وامتدادًا لمساعي الدولة المصرية لتكون مركزًا إقليميًا للملاحة والخدمات البيئية الذكية.
وبينما تفتح هذه المنظومة آفاقًا جديدة للاستثمار والتشغيل، فإنها أيضًا ترسّخ التزام مصر بالمعايير البيئية العالمية، وتجسد رؤيتها للتحول الأخضر.