كتبت: سالي الشريف
في مشهد يجسد تطلعات الدولة المصرية نحو مستقبل طبي قائم على الابتكار، شهدت كلية طب قصر العيني انعقاد الجلسة الرئيسية لمؤتمرها العلمي السنوي تحت شعار: "نحو مجتمع طبي مبتكر"، بحضور كبار صناع القرار في مجالي الصحة والتعليم العالي، يتقدمهم الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، إلى جانب عدد من الوزراء السابقين، ورؤساء الجامعات، وخبراء الصحة والبحث العلمي، وممثلي البعثات الدبلوماسية.
القصر العيني... منارة العلم والطب
أكد الدكتور خالد عبد الغفار أن كلية طب قصر العيني ليست فقط واحدة من أقدم المؤسسات التعليمية في المنطقة، بل تمثل نموذجًا فريدًا للمؤسسات التي تجمع بين الإرث العريق والحداثة العلمية، مشيرًا إلى أن مستشفياتها تستقبل أكثر من 2.5 مليون مريض سنويًا، ما يعكس ثقة المجتمع في هذا الصرح الطبي.
وأضاف أن الكلية يجب أن تتصدر مشهد الريادة في استخدام التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي، بوصفها نموذجًا يُحتذى به محليًا ودوليًا في ردم الفجوة المعرفية والتطبيقية في قطاع التعليم الطبي.
وأشار عبد الغفار إلى أن مستقبل الطب يكمن في الابتكار، وتحديدًا في العلاجات الجينية، واستخدام الخلايا الجذعية المعدّلة، والطب الشخصي، إلى جانب تطوير أداء المستشفيات باستخدام أحدث الأساليب التقنية.
التعليم العالي.. تحويل البحث إلى اقتصاد منتج
من جانبه، شدد الدكتور أيمن عاشور على أن سياسات التعليم العالي في مصر تستند إلى الابتكار كركيزة أساسية، منوهًا إلى أن أكثر من 30% من الأبحاث المنشورة عالميًا من قبل العلماء المصريين تُحوّل إلى منتجات اقتصادية في الخارج.
وأكد أن القطاع الطبي يسهم بـ 23.4% من إجمالي الإنتاج العلمي، وهو ما يعكس قوته وتأثيره في الساحة الأكاديمية.
كما أشاد عاشور بالقفزات التي حققتها مستشفيات قصر العيني في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوت الجراحي، مشيرًا إلى ابتكارات طبية جديدة مثل الحلقات المطاطية لعلاج السمنة، مؤكدًا أن هذه الإنجازات تضع مصر في مصاف الدول الرائدة في الطب الحديث.
جامعة القاهرة.. الابتكار أساس الاستدامة
وفي كلمته، قال الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، إن انعقاد المؤتمر يتزامن مع تحولات كبرى تقودها الدولة المصرية في قطاعي التعليم والصحة، مشيرًا إلى أن مفاهيم الجودة والابتكار أصبحت محورية في صياغة السياسات العامة، بما يعزز جهود بناء الإنسان المصري المعاصر.
وكشف عبد الصادق عن تأسيس شركة لإدارة واستثمار أصول الجامعة الفكرية، والتي تلقت أكثر من 135 فكرة إبداعية، مؤكداً على إطلاق استراتيجية الذكاء الاصطناعي في الجامعة، التي تهدف إلى تعزيز ريادة الأعمال والابتكار ضمن أربعة محاور رئيسية، في إطار مبادرة "تحالف وتنمية" التي تربط بين الجامعة والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.
القصر العيني... نحو منظومة صحية ذكية
وفي ختام الكلمات، أكد الدكتور حسام صلاح، عميد كلية الطب بجامعة القاهرة، أن قصر العيني يمثل نموذجًا متكاملاً لتطوير المنظومة الصحية، عبر استقدام نخبة من العلماء والخبراء من مختلف دول العالم، مع التركيز على البحث التطبيقي، وتطوير المهارات البشرية، وتحقيق التميز المؤسسي.
وأوضح أن استراتيجية الكلية تهدف إلى ترسيخ مبادئ السلامة والصحة المهنية، وحوكمة إدارة المستشفيات، في ظل الرؤية الشاملة للدولة التي تسعى إلى تحقيق نقلة نوعية في النظام الصحي المصري.
منصة للابتكار وتكامل المعرفة
يُذكر أن المؤتمر يستعرض أحدث التوجهات العلمية في المجالات الطبية، ويشجع على تحويل الأبحاث إلى تطبيقات واقعية تواكب احتياجات المجتمع، وتسهم في بناء منظومة صحية حديثة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدوائية والتجهيزات الطبية.
كما يشكل منصة حوارية بين الباحثين والمختصين في مجالي الطب والصناعة لتبادل الخبرات واستشراف المستقبل.
وبهذا، يثبت قصر العيني مرة أخرى أنه ليس مجرد مؤسسة تعليمية، بل مركز إشعاع فكري وعلمي يقود مسيرة التطوير في الطب المصري والعربي.