بقلم المستشارة القانونية: إيمان مصطفى
في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، تظهر قضايا الإيجار القديم كأحد أهم التحديات القانونية في مصر.
تعود جذور هذه القضايا إلى قديم الأزل.
بدأت رحلة قانون الإيجار القديم في مصر منذ العشرينات، ومرت بمراحل تطور عدة، كان أهمها في عام 1941، حيث منع المالك من رفع قيمة الإيجار أو طرد المستأجر.
ومع مرور الزمن، أصبحت هذه القوانين موضع نقاش وجدل واسع، إذ تعارضت مع متطلبات العصر.
ثم أصدرت المحاكم المصرية عدة أحكام تهتم بمبادئ قضية الإيجار القديم، منها امتداد عقد الإيجار للأبناء.
وتعتبر هذه الأحكام خطوة في طريق إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بما يتوافق مع الواقع الجديد ويتماشى مع ظروف الحياة.
إجراءات الحكومة المصرية:
تسعى الحكومة المصرية لإجراء تعديلات على قانون الإيجار القديم، بما يحقق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.
وتشمل هذه التعديلات تحديد مدة الإيجار وإعادة تقييم القيمة الإيجارية فيما يتماشى مع مصلحة المؤجر والمستأجر.
بعض اضرار قانون الايجار القديم:
الضرر الناجم عن قضايا الإيجار القديم في مصر يمكن أن يؤثر على كلا الطرفين، المؤجر والمستأجر، ولكن بطرق مختلفة.
بالنسبة للمؤجرين، القوانين الحالية تحد من قدرتهم على تحصيل إيجارات تتناسب مع القيمة الإيجارية للعقارات، مما يؤدي إلى خسائر مالية، خصوصًا في ظل الارتفاع المستمر لأسعار العقارات وتكاليف الصيانة.
كما أن القوانين تجعل من الصعب عليهم استرداد العقارات للاستخدام الشخصي أو لإعادة التأجير بسعر السوق والاستفادة منها.
بالنسبة للمستأجرين، قضايا الإيجار القديم توفر لهم استقرارًا في السكن بتكلفة منخفضة نسبيًا، ولكن هذا قد يأتي على حساب الحفاظ على العقار وتحديثه، مما قد يؤثر سلبًا على جودة السكن.
وفي حالة إجراء تعديلات قانونية، قد يواجه المستأجرون صعوبة في إيجاد بدائل سكنية بأسعار مناسبة لظروفه المالية.
وبشكل عام، يمكن القول إن الضرر يعتمد على الظروف الفردية لكل حالة، ولكن من المهم العمل على إيجاد حلول تحقق التوازن بين حقوق ومصالح كلا الطرفين.
أحوال يجوز للمؤجر فيها أن يطرد المستأجر ويسترد العين المؤجرة مرة أخرى بقوة القانون؟
1. عدم دفع الإيجار:
إذا لم يدفع المستأجر القيمة المستحقة للإيجار خلال 15 يومًا من تاريخ تكليفه بذلك كما هو موضح بالعقد.
2. الهدم الجزئي أو الكلي:
إذا كان سيتم الهدم الجزئي أو الكلي للمنشأة الآيلة للسقوط.
3. استخدام المكان بطريقة ضارة:
إذا استخدم المستأجر المكان المؤجر بطريقة ضارة بسلامة المبنى أو مسببة للإزعاج أو ضارة بالصحة العامة أو لأغراض منافية للآداب العامة.
4. التأجير أو التنازل من الباطن:
إذا ثبت أن المستأجر قد أجر المكان أو تنازل عنه من الباطن دون إذن كتابي صريح من المؤجر.
5. ترك المكان للغير:
إذا قام المستأجر بترك المكان المؤجر للغير بقصد الاستغناء عنه بشكل نهائي.
للحد من أضرار الإيجار القديم في مصر، يمكن للقانون اتخاذ عدة خطوات تشريعية وإجرائية، ومنها:
1. تحديث التشريعات:
إجراء تعديلات على قوانين الإيجار القديمة لتعكس الواقع الاقتصادي الحالي وتحقق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.
2. تحديد مدة الإيجار:
وضع قوانين تحدد مدة الإيجار بشكل واضح، مما يسمح بتجديد العقود بشروط تتناسب مع السوق الحالي.
3. إعادة تقييم القيمة الإيجارية:
تحديد قيمة إيجارية عادلة تتناسب مع القيمة السوقية للعقارات، مع الأخذ في الاعتبار الحالة الاقتصادية للمستأجرين.
4. تسهيلات للمالكين:
توفير تسهيلات للمالكين لاسترداد العقارات للاستخدام الشخصي أو لإعادة التأجير بسعر السوق.
5. حماية المستأجرين:
وضع ضوابط لحماية المستأجرين من الطرد التعسفي وتوفير بدائل سكنية مناسبة في حالة الإخلاء.
6. التوعية القانونية:
تعزيز الوعي القانوني بين المواطنين حول حقوقهم وواجباتهم فيما يتعلق بالإيجارات.
7. الحوار المجتمعي:
إجراء حوارات مجتمعية شاملة للتوصل إلى حلول تراعي مصالح جميع الأطراف المعنية.
8. تطبيق القانون بفعالية:
ضمان تطبيق القوانين الجديدة بشكل فعال ومتابعة تنفيذها لتحقيق الأهداف المرجوة.
آخر التطورات في قانون الإيجار القديم في مصر تشمل:
1. الزيادة السنوية للإيجار:
بدأت الزيادة السنوية الثالثة على الإيجار القديم للأشخاص الاعتبارية لغير أغراض السكن اعتبارًا من العام الجاري، بنسبة 15% سنويًا.
2. الحوار المجتمعي والمقترحات البرلمانية:
ينتظر عدد كبير من ملاك ومستأجري العقارات مناقشة قانون الإيجار القديم في مجلس النواب، وهناك عدة مقترحات مقدمة للبرلمان للخروج بقانون متوازن يحقق العدالة اللازمة.
3. تعديلات للأشخاص الاعتبارية:
تم التصديق على تعديلات تخص الوحدات المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير الغرض السكني، وفقًا للقانون رقم 10 لسنة 2022، حيث تزداد الإيجارات القديمة في مارس من كل عام بزيادة تقدر بنحو 15%، وتكون هذه الزيادة سنوية ولمدة 5 سنوات.
4. مناقشة قانون الإيجار القديم:
يترقب العديد من مالكي العقارات والمستأجرين آخر المستجدات بشأن قانون الإيجار القديم، المقرر أن يشهد انفراجة خلال الفصل التشريعي الحالي بمجلس النواب، خاصة بعد التعديلات الأخيرة.
5. التعديل التشريعي للشقق السكنية:
هناك تأكيدات على ضرورة البدء بإرسال تعديل تشريعي يخص الإيجار القديم للشقق السكنية، وعودتها للملاك للاستفادة منها وتحقيق العائد والقيمة الإيجارية المناسبة.
تظل قضايا الإيجار القديم محورًا للنقاش في المجتمع المصري، ويبقى السؤال مطروحًا حول كيفية التوصل إلى حلول عادلة تراعي مصالح جميع الأطراف.
ومع استمرار الجهود القانونية والتشريعية، يأمل الكثيرون في تحقيق الإصلاح المرجو تحقيقه هذه الفترة.
وأخيرا.. نجد أنفسنا أمام لوحة معقدة من التحديات والفرص التي تشكل منظومة الإيجار القديم في مصر.
إنها قضية تمس جوهر الحياة اليومية لملايين المصريين، وتحمل في طياتها الأمل في مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة.
ولا شك أن الطريق نحو الإصلاح ليس مفروشًا بالورود، ولكن بالحوار البناء والجهود المشتركة، يمكننا أن نزرع بذور التغيير التي ستنمو لتصبح غدًا أكثر إشراقًا للمؤجرين والمستأجرين على حد سواء.
فلنعمل معًا لنكون جزءًا من هذا التغيير، لنبني مجتمعًا يسوده العدل والتقدم، ولنجعل من منازلنا ملاذًا للأمان والسلام، وليس مجرد جدران تحكمها قوانين الأمس.