آخر الأخبار

رحلة الرؤية الشرعية للأطفال في متاهات القضاء

بقلم المستشارة القانونية: إيمان مصطفى


في مجال العدالة حين تتحدث القلوب قبل القوانين عندما تتقاطع مسارات القانون مع خفقات القلوب الأبوية، تبرز قضية الرؤية الشرعية للأطفال كمعضلة تحتاج إلى حكمة ورفق.

ليست مجرد إجراءات وأوراق، بل هي عبارة عن لحظات يتتوق فيها القلب للقاء، وتسعى العدالة لتحقيق التوازن بين الحقوق المتداخلة.

رحلة الرؤية الشرعية للأطفال في متاهات المحاكم


نعرض عليكم بعض القوانين والضوابط التي تحكم هذه اللحظات الحاسمة، ونستكشف كيف تتشكل مصائر الأرواح الصغيرة في ظلال الأحكام القضائية.


معلومات عن الرؤية الشرعية للأطفال في المحاكم:


من داخل النظام الأسري، تقف قضية الرؤية الشرعية كحجر زاوية يحمي حقوق الأطفال ويحافظ على روابطهم الأسرية. في مصر، يُعد قانون الأحوال الشخصية الساري حالياً مرجعاً أساسياً يحدد ضوابط الرؤية للأطفال، مانحاً الحق للأبوين والأجداد فقط. 

يُراعى في مدة الرؤية وموعدها أن تكون ملائمة للطفل، مع الأخذ في الاعتبار أهمية العطلات الرسمية ومواعيد الانتظام بالتعليم. 


تُعقد جلسات الرؤية وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين الأطراف أو لما تقضي به المحكمة، ويُشترط أن تتم في مكان يشيع الطمأنينة في نفس الطفل. وفي حالة عدم الالتزام بالمواعيد أو المكان المحدد، يُمكن لأي طرف الاستعانة بالأخصائي الاجتماعي المختص لإثبات ذلك.


تُعد الرؤية حقاً للطفل قبل أن تكون حقاً للوالدين، وهي تُمارس تحت إشراف القانون المصري لضمان مصلحة الطفل الفضلى. وتُعتبر الرؤية جزءاً لا يتجزأ من حقوق الطفل التي كفلتها الاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية، وهي تُمثل أحد أهم الأدوات التي تُساهم في الحفاظ على النسيج الأسري وتوفير الدعم النفسي والعاطفي للطفل.


ومع ذلك، تظل قضايا الرؤية محط نزاع في كثير من الأحيان مما يتطلب تدخل المحاكم لتنظيمها وفقاً لما يخدم مصلحة الطفل ويحمي حقوقه. وتُعد المحكمة الحارس الأمين على هذه الحقوق، حيث تُصدر أحكامها بناءً على معايير محددة تضمن الرفاهية النفسية والاجتماعية للطفل حفاظا على صحته النفسيه.


حدد قانون الأحوال الشخصية الساري حاليًا في مصر ضوابط الرؤية للأطفال، على أن يكون حق الرؤية للأبوين والأجداد فقط كما ذكرنا.

وقد اقر القانون ان  يُراعى في مدة الرؤية ووقتها أيضًا أن يكون ذلك ملائمًا للطفل، وأن تكون الرؤية خلال العطلات الرسميّة قدر المستطاع لمراعاة مواعيد الانتظام بالتعليم. 

ينبغي ألا تقل مدة الرؤية عن 3 ساعات أسبوعيًا وأن يكون الموعد ما بين الساعة التاسعة صباحًا والساعة السابعة مساء.

 

الرؤية تتم وفقًا لما تم الاتفاق عليه أو لما تقضي به المحكمة، ويتولى المسؤول بمكان تنفيذ الرؤية مهمة إثبات الحضور بناءً على طلب أي طرف، ولأي طرف أن يستعين بالأخصائي الاجتماعي المختص لمتابعة الحالة لإثبات عدم التزام الطرف الآخر بالموعد أو بالمكان المحدد. 

ينص القانون  على أنه: "لكل من الأبوين الحق في رؤية الطفل و للأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين، وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقًا، نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضرنفسيا  بالصغير أو الصغيرة ، ولا يتم تنفيذ حكم الرؤية قهرًا، ولكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضي فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضي بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتًا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها هو بنفسه


 وبما لا يتعارض مع مواعيد انتظام الصغير في دور التعليم

واخيرا، يجب الالتزام بضوابط الرؤية الشرعية للأطفال، حيث تُمثل هذه الضوابط حماية لحقوق الطفل وتعزز استقرار الأسرة وقضية رؤية الصغير تعد من القضايا الهامة في قانون الأحوال الشخصية المصري.



إليك بعض الشروط والإجراءات المطلوبة لتنظيم جلسات الرؤية في المحكمة:

1. مكان الرؤية:

   - يجب أن يكون في مكان عام لا يضر الطفل جسديًا أو نفسيًا.

   - يُفضل أن يكون في مراكز الشباب أو النوادي الاجتماعية.

   - يجب أن يكون قريبًا من مسكن الحاضنة.


2. مدة الرؤية:

   - لا تقل عن ثلاث ساعات أسبوعيًا علي الاقل.

   - يُفضل أن تتم في العطلات الرسمية.


3. الوقت المناسب:

   - يجب أن يتناسب مع نظام حياة الطفل، مثل مواعيد الدراسة والأنشطة.


4. التسجيل والإثبات:

   - يجب أن يكون هناك سجل لتسجيل الحضور والانصراف.

   - يجب أن يكون هناك شهادات من الأشخاص المتواجدين في مكان الرؤية.


5. عدم حضور الأم:

   - إذا امتنعت الأم عن الحضور للرؤية في الموعد المحدد، يمكن للأب أن يقوم بالإجراءات التالية:

     - إثبات عدم حضورها في السجل.

     - تحرير محضر في قسم الشرطة.

     - تقديم بلاغ للنيابة العامة لرفع دعوى جنائية ضد الأم.


وفي الختام... تتجلى الحكمة في رؤية القلوب

في زحمة الحياة وتعقيداتها، تظل قضية الرؤية الشرعية للأطفال بمثابة الشعاع الذي ينير دروب الأسر المنقسمة. ليست مجرد جلسات قضائية، بل هي جسور تُبنى على أمل اللقاء والتواصل. وإن كانت القوانين تُرسم الإطار، فإن القلوب هي التي تُعطي الحياة لهذه اللحظات. نأمل أن تكون هذه السطور قد أضاءت جانبًا من جوانب هذه القضية الهامة، وأن تكون قد أكدت على أن مصلحة الطفل تظل هي البوصلة التي تُوجه كل الأحكام والقرارات.


فلنعمل معًا من أجل مستقبل يُعلي من شأن الطفولة ويحمي حقوقها، مستقبل يُسهم فيه الجميع - الأهل، المجتمع، والقضاء - لضمان أن ينمو كل طفل في بيئة مليئة بالحب والاستقرار والأمان.

في النهاية، يجب أن يتم تنظيم حكم الرؤية بما يحقق مصلحة الطفل قبل كل شيء.





تعليقات