متابعة: مروة حسن
في عمل بصري مؤثر، أطلق المخرج قصي الياس أحدث أعماله الغنائية المصورة "كائن حديدي"، في تجربة فنية تستعرض رحلة موجعة من الألم والفقد، حيث تمزج الصورة والموسيقى بانسجام عميق يخاطب الوجدان قبل البصر، ويؤديها بإحساس صادق الفنان بدر باسم.
ينطلق الكليب بلقطة مباشرة إلى قلب مأساة شاب فقد والده حديثًا، لتغلف الحزن تفاصيل حياته وحياة والدته التي لا تزال غارقة في صدمة الفقد.
وسط هذا الحزن العارم، يرن هاتفه باسم حبيبته، لكنه يقف عاجزًا أمام الرد، مثقلًا بوجعه الداخلي.
تتسارع الأحداث وتزداد وطأتها، إذ تدخل الأم إلى المستشفى بعد تدهور صحتها، وتنسحب الخطيبة من حياته، غير قادرة على مواجهة عبء المحنة.
يحاول الشاب لملمة شتات قلبه، لكن القدر يواصل ضرباته القاسية، حين يتعرض لحادث خطير يتوقف فيه نبضه...
وفي لحظة متزامنة، تفارق والدته الحياة على سرير المستشفى.
تعود الروح إلى الشاب وحده، ليصحو إلى واقع أكثر قسوة..
وحدة تامة بعد أن خسر كل من أحب.
بمشهد ختامي ينفطر له القلب، يكبر الشاب وهو يحمل شوقه وحنينه لوالدته، يرسم ملامحها على الأرض، وينام إلى جانب الرسم، باحثًا عن دفء رحل مع الراحلين.
ببراعة لافتة، نجح قصي الياس في تحويل هذه القصة الحقيقية إلى عمل فني ينبض بالمشاعر، مستفيدًا من تقنيات تصوير متقنة وإضاءة درامية وموسيقى تصويرية تلون مشاعر الألم والفقد.
وكان لصوت بدر باسم الحنون دور كبير في تعميق أثر الأغنية، مضيفًا طبقات من الإحساس الأصيل إلى القصة.
ساهم نخبة من المحترفين في إخراج هذه اللوحة الفنية بهذه الجودة الرفيعة؛ فقد تولى إدارة التصوير كل من أرسلان أرسوي وأحمد خالد، وأسندت مهمة المؤثرات الثلاثية الأبعاد (CGI 3D) إلى أحمد ليث وعمرو حسين وحسين الساعدي، بينما قام أمير الحيالي بمهام المونتاج، مع تلوين فني من تنفيذ فيكن، فيما تولت "الياس كروب" الإشراف على الإنتاج التنفيذي.
"كائن حديدي" ليس مجرد فيديو كليب، بل تجربة إنسانية مؤثرة ترسم ملامح الألم والوحدة، وتذكرنا بحجم الخسارة حين يفقد الإنسان سند حياته.
إنه عمل عميق يلامس كل روح تذوقت مرارة الفقد، ويثبت مرة أخرى قدرة قصي الياس على ترجمة المشاعر الإنسانية إلى لغة بصرية خالدة.