متابعة: آيات مصطفى
في مشهد نادر يعكس شجاعة استثنائية، فاجأت الشابة ابتهال أبو السعد العالم خلال احتفال مايكروسوفت بذكرى تأسيسها الخمسين، عندما قاطعت كلمة ألقاها مصطفى سليمان، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في الشركة، لتعلن أمام الحضور والعالم أن "أيادي مصطفى ومايكروسوفت ملوثة بدماء خمسين ألف شهيد فلسطيني".
هذا التصرف غير المتوقع من موظفة شابة، في بداية مسيرتها المهنية، جاء في مواجهة أحد أبرز وجوه الذكاء الاصطناعي في العالم، رجل من أصول سورية، صعد سلم النفوذ التكنولوجي حتى وصل إلى قمة هرم التأثير في واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم مايكروسوفت.
من هو مصطفى سليمان؟
مصطفى سليمان، أحد مؤسسي DeepMind، الشركة الرائدة في الذكاء الاصطناعي التي استحوذت عليها غوغل، ثم انتقل إلى مايكروسوفت ليشغل منصب رئيس قسم الذكاء الاصطناعي.
سليمان يُعتبر اليوم من أبرز العقول التي تشكل ملامح المستقبل التكنولوجي، لكنه يواجه اتهامات متزايدة بدوره في تطوير تقنيات تُستخدم في مراقبة وقمع الشعوب، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني.
تاريخ سليمان يحمل مفارقة مؤلمة:
رجل من أصول سورية، غالبًا من عائلة مسلمة، أصبح أحد مهندسي أدوات المراقبة التي تستخدمها أنظمة الاحتلال ضد أبناء جلدته في فلسطين، بحسب ما يتهمه به ناشطون حقوقيون وتقارير متعددة تشير إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تسهيل عمليات الاستهداف والاغتيال.
ابتهال أبو السعد.. صوت الضمير
وفي مواجهة هذا الواقع المرير، ظهرت ابتهال أبو السعد، الموظفة الشابة في مايكروسوفت، لتكسر الصمت وتطلق صرخة ضمير مدوية.
وسط صمت المؤسسات، وخنوع الكثيرين ممن يخشون على وظائفهم أو إقاماتهم، وقفت ابتهال لتقول الحقيقة كما تراها، مخاطرة بكل ما بنته في مسيرتها.
إن ما قامت به ابتهال قد يكلفها وظيفتها، وقد يُعرضها للترحيل من الولايات المتحدة، وربما يُغلق في وجهها أبواب المستقبل المهني في قطاع التقنية، لكنها رغم ذلك قررت أن تقف، وتشهد، وتُعذر إلى الله.
ردود الفعل والانقسام
ما بين مؤيد يرى فيها بطلة حقيقية وقفت في وجه الظلم، ومعارض يعتبر ما فعلته تهورًا في غير محله، يبقى فعل ابتهال لحظة فارقة تفرض على الجميع إعادة التفكير:
ما هو ثمن الصمت؟ ومتى يصبح الوقوف مع الحق واجبًا لا يحتمل التأجيل؟
بعض الأصوات تتساءل؟؟ ماذا لو كانت ابتهال من خلفية مختلفة؟ هل كانت ستلقى التضامن نفسه؟ وهل كان سليمان سيُنتقد لو لم يكن من أصول عربية أو مسلمة؟
ما وراء الصراع..التكنولوجيا كأداة هيمنة
ما كشفته هذه الحادثة يتجاوز مجرد خلاف داخل شركة، ليعيد فتح النقاش حول استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة كأدوات للسيطرة العسكرية والسياسية.
مايكروسوفت، مثل غيرها من شركات التكنولوجيا الكبرى، متهمة بعلاقاتها الوثيقة مع المؤسسات العسكرية، وتورطها في مشاريع تُستخدم في دعم الاحتلال والاستعمار الحديث.
كلمة أخيرة
في زمن يختلط فيه الحق بالباطل، وتُكمم فيه الأفواه بأموال الشركات والتهديدات المبطنة، يعلو صوت مثل صوت ابتهال أبو السعد كوميض أمل بأن الضمير الإنساني لا يزال حيًا.
قد تدفع الثمن غاليًا، لكن التاريخ لا ينسى من وقف في وجه الطغيان، ولا من خان قضيته مقابل مجد شخصي.
صوت ابتهال اليوم هو صدى لكل شهيد، وصوت لكل من لا يستطيع الكلام.
وفي النهاية، يبقى السؤال معلقًا في الهواء؟؟ مع من سنكون عندما يأتي دورنا للوقوف؟ مع الصامتين؟ أم مع الذين قالوا الحقيقة، ومضوا؟